وحيدة، كمستيقظ في غير أوانه،
كميتٍ عاد إلى الأرض بعد طَيِّها،
كريشةٍ يتلاعب الهواء في استقرارها،
كقطة جريحة تتجول بين شوارع ممطرة،
كطفل يفيق تحت الأنقاض في زمن الحرب،
كعاشقة خذلها الحب في الموقف الأول،
كامرأة وثقت بقلبها حتى لحظة السقوط الأخيرة،
كحكاية هجرها أبطالها فتحولت إلى ورق،
كطريق قديم محته خرائط الأرض فلم يبقَ له أثر،
كمصباح سرقت الشمس نوره فاندحر أمام الصباح،
كجدار صامد من بيت متداعٍ خانته جدرانه الأخرى،
كصرخة مظلوم وُلدت في ليلة قيام ودعاء،
كبذرة مطمورة في أعماق الأرض تنتظر الماء،
كثمرة خضراء يهددها اضطراب الرياح،
كيتيمة يخيفها صدى صوتها العائد كلما نادت: أمي،
كأنين مغترب في أولى ليالي وحدته،
كعكاز مسن فقد القدرة على النطق،
كثوب زفاف عتيق فقد بريقه في زاوية منسية،
كصورة قديمة في ألبوم صور مهجور،
كوردة يابسة بين أوراق كتاب منسي،
كقلم كاتب خط به آخر نصوصه على هذه الأرض،
كمسبحة امرأة سبعينية أغمضت عينيها ولم تستيقظ،
كرسالة ورقية رقدت في صندوق البريد حتى انتهى زمن الرسائل،
كقصيدة مبتورة وعدها الشاعر بالاكتمال ولم يعد،
كأغنية غرسها أحدهم في ذاكرة حبيبته ومضى،
كبداية بلا نهاية .