Mahmoud Alhamoud محمود الحمود

حين تكتحل العيون بمرأى الكعبة، وتتعطر الأرواح بنفحات المسجد النبوي، يصبح الوداع أشبه بانتزاع القلب من موضعه، لحظة الوداع ليست كباقي اللحظات؛ إنها لحظة يقظة روحية، واسترجاع لكل دعاء، وكل دمعة سُكبت، وكل سجدة رُفعت في تلك البقاع المباركة.

في مكة، تُلقى النظرات الأخيرة على البيت العتيق، ويؤدى طواف الوداع، كما علّم النبي صلى الله عليه وسلم، فيغادر الحاج أو المعتمر وهو يردد: "اللهم لا تجعله آخر العهد ببيتك الحرام، وإن رددتني فارددني بحالٍ أحسن من هذا الحال."
وفي المدينة، يُسلِّم على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مودّعًا، وتُغادر الروح جزءًا منها في الروضة، وفي كل زاوية من زوايا المسجد النبوي.

ثم تأتي لحظة شد الرحال، وقلوب المحبين تهتف: "وداعًا يا دار السلام، يا موطن الطهر، يا مهوى الأفئدة." ويبدأ طريق العودة، محمّلًا بالذكريات، والدروس، والعزائم الجديدة، فقد عاد المرء كي يكون سفيرًا للرحلة، يحمل أثرها في قلبه، وسلوكها في حياته.

العودة إلى الديار ليست نهاية الرحلة، بل بدايتها الحقيقية. فقد عاد الإنسان جديدًا، نقيًا، وقد عاهد الله هناك، فعليه أن يفي بعهده في أرضه وأهله.

🖋 محمود فياض الحمود
⌚️ السبت 2025/4/19م

6 months ago (edited) | [YT] | 248